التربية والتعليم بين الماضي والحاضر 4
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
التربية والتعليم بين الماضي والحاضر 4
استكمالاً لما بدأناه من الحديث عن تدهور التعليم في السودان، نورد هنا بعض مزايا المدارس التي يوجد بها سكن للطلاب.
إن السودان باعتباره دولة نامية كانت تنقصه الكثير من مقومات الحياة الاقتصادية والثقافية. ونسبة لضيق ذات اليد فقد نهجت الحكومات الأولى بعد الاستقلال إلى تجميع الطلاب في مدارس في المدن وذلك لأننا ما كنا نجد عدداً من التلاميذ في القرية الواحدة لكي تبنى لهم مدرسة في كل قرية. كما أن التكلفة المالية العالية للبناء حصرت المدارس في المدن دون القرى.
وبالطبع استلزم وجود المدرسة في المدينة وتجميع الطلاب لها من القرى إنشاء مساكن الداخليات لتلاميذ المرحلتين الوسطى والثانوية، وفي بعض المناطق ثمة مدارس داخلية للمرحلة الأولية.
اتسمت المدرسة ذات الداخليات بسمات تفوقت بها على المدارس التي لم يكن بها داخليات للطلاب. وهذه الميزات تشمل عدة نواحٍ، منها:
أولاً: في مجال التعليم:
كان لزاماً على الطلاب حضور المذاكرة الليلية داخل الفصول كل يوم ما عدا يوم الخميس. وفي هذه المذاكرة يوزع جدول الإشراف على الشعب، فيكون على كل شعبة يومها الذي تشرف فيه على المذاكرة. ويستغل الطلاب وجود أساتذة الشعبة في المكتب فيراجعون دروسهم في مادة الشعبة ويذهب الطالب بمسألته للشعبة حيث يجد حلها لدى المدرس. وفي هذه المذاكرة يستذكر الطالب دروسه ويراجعها فتقوى شوكته العلمية.
ثانياً: في المجال الاجتماعي والرياضي:
بوجود الطلاب في الداخليات تتاح لهم الفرصة لكي يعيشوا حياة اجتماعية تنصهر في بوتقتها مختلف القبائل، فيتم التعارف بين الطلاب الذين وفدوا من شتى البقاع السودانية - أو على أقل تقدير الإقليمية. وفي هذا السكن يجد الطالب الفرصة سانحة ليؤدي مناشطه الرياضية ويقيم المنافسات التي هي مجال ترويح للطلاب.
ثالثاً: المجال الثقافي والفني:
هنا يتسنى للطالب القيام بمناشط الجمعيات الثقافية وتنمية مواهبه الفنية ولا سيما في ليالي السمر التي كانت تقام في يوم الخميس، حيث يبرز الطلاب مواهبهم. ومن هذه المواهب فيما بعد صقل من أصبح مغنياً أو مذيعاً أو رساماً أو إدارياً وغيرها من الوظائف.
كل ذلك كان يتم في المدارس حيث يقيم طلاب المدرسة في مساكن الداخلية. ولا ننسى الوجبات التي كانت تقدم لهؤلاء الطلاب. وكانت وجبات بمواصفات علمية تنمى الطالب بدنياً وعقلياً. هذا ما كان من شأن التعليم العالي.
التعليم الجامعي
أما في التعليم الجامعي فقد خدمت الداخليات نفس الأغراض التي قامت بها في مدارس التعليم العام. وقد حظي طلاب الجامعات آنذاك بوجودهم بالقرب من المكتبات في حرم الجامعة، الأمر الذي أتاح لهم ارتياد هذه المكتبات طوال اليوم، حيث لم تكن مذكرات للمادة يشتريها الطالب في ذلك الزمان، بل كان الطالب يتلقى علمه من المحاضرة والسمنارات والمكتبة.
وما المخرج لاصلاح التعليم ؟
في المقال القادم - إن شاء الله تعالى - سوف نذكر بعض المقترحات لاصلاح التعليم في السودان.
بقلم عبد الرحمن ود الكبيدة.
يتبع