بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من حِكَمِ ابن عطاء الله 1

بقلم: عبد الرحمن ود الكبيدة:

      في هذه المساحة نتناول حِكَم ابن عطاء الله السكندري بشئ من التعليقات والتوضيحات.

الحكمة الأولى:

قال الشيخ أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عطاء الله السكندري: (من علامة الاعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وجود الزلل).

الشرح والتعليق:

      الرجاء هو تعلق القلب بحصول محبوب في المستقبل. والزلل اغتراف الخطايا والآثام.

      أمر الله تعالى بالاعتقاد والعمل المصاحب له. فقرن بينهما في كثير من آيات القرءان الكريم: ﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا﴾الكهف 107. ووعد الله العاملين بالتقوى بالجزاء في جنات النعيم والفردوس، فقال تعالى: ﴿تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون﴾الأعراف 43.

      والمسلم بطاعته لله يرجو رحمته ويخاف عقابه.

     أما من كانت معصيته سبباً لنقصان رجائه المغفرة فهذا دليل على اعتماده على عمله في القبول والتكريم. وهو من علامة الاتكال على العمل. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لن يُدْخِلَ أحدَكم الجنةَ عملُه، قالوا: ولا أنت يا رسول الله ؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته”.

      أما قوله تعالى: ﴿ادخلوا الجنة بماكنتم تعملون﴾النحل 32 فهذا تفضل من الله على عباده بأن ألهمهم رشدهم وحبب إليهم الإيمان وخلع عليهم نعمة الإسلام والعمل، ثم شكرهم عليها بإدخالهم الجنة. والمؤمن هو الذي يرد الأمانة إلى أهلها، وأعظمها أمانة الهداية والإيمان اللذين هما من فضل الله على عباده، قال تعال: ﴿بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين﴾الحجرات 17.

      فإن من تمام العبودية العمل لله تعالى ولوجهه الكريم عدم عبادة الله على حرف والركون إلى ذلك الحرف وإن كان حرف الأعمال الصالحة، لأن هذه الأعمال الصالحة إنما هي مما جرت به مقادير الله على العبد.

    فالعاملون لا يغترون بمظلة الرجاء، قال عز وجل: ﴿والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون﴾المؤمنون 60. كما أنه لا يقل رجاؤهم عن المعصية، قال تعالى: ﴿والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون﴾آل عمران 135.

      ويصح إكمال هذه الحكمة فنقول: ” من علامات الاعتماد …….. ؛ ومن علامات الاغترار والإدلال بالعمل وجود هذا العمل”. فالقانط من إصلاح الذلل والمدل المغتر بالعمل سيان في الاعتماد على العمل والركون إليه.

    إن الذي لا تغره الطاعة ولا تقنطه المعصية هو من علم أن أعماله من فضل الله عليه. وتلك درجة من فنى في الله عن نفسه وعمله وأصبح هو بالله ولله. أي هي درجة المحسنين الذين لم يشاهدوا سوى الله في كل حركاتهم وسكناتهم، وغرقوا في بحار التوحيد وفنوا عن أعمالهم حيث لا يرون فيها سوى الخالق عز وجل، فلما علموا أنه هو الذي أضحك وأبكى استوى عندهم جناحا الخوف والرجاء.

    ومن لم يصل درجة الفناء في الله والبقاء به يخشى عليه من التذرع بهذه الحكمة العطائية، فيصير عدم خوفه بحجة رجائه تهجماً على المعاصي وعدم رجائه بذريعة خوفه يأساً من رحمة الله.

                                                                                            والله أعلم.   

Scroll to Top