بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

دروس وعبر من موقعة بدر الكبرى

 أولاً: تاريخ الغزوة وأسبابها:

   * حدثت موقعة بدر الكبرى في 17 رمضان  2 هـ الموافق 22 مارس 624م. سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان بن حرب مقبلاً من الشام في عير لقريش فيها أموالهم وتجارتهم يصبها ثلاثون أو أربعون من رجال قريش. فندب الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى هذه العير، عسى أن يستردوا بعض اموالهم التي 

اجبرهم كفار قريش على تركها غصبا عنهم بالهجرة. فلما علم أبو سفيان بذلك بعث إلى قريش يستنفرهم النجدة، لكن أبو سفيان غـيَّر مسار قافتله ونجا من المسلمين، غير أن قريش أصروا على القدوم والعسكرة في بدر بطراً ورئاء الناس.

   * خرج من الكفار عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة وابنه الوليد فطلبوا من يبارزهم ، فخرج لهم معوذ ومعاذ وعوف بنو عفراء. فطلب الكفار غيرهم من صناديد قريش، فخرج لعتبة بن ربيعة عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، ولشيبة حمزة بن عبد المطلب، وللوليد علي بن أبي طالب. فقتل حمزة شيبة وقتل علي الوليد واختلف عبيدة وعتبة بضربتين من كل منهما فهجم علي وحمزة فقتلا عتبة وحملا عبيدة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

      ولقد تحدث القرءان الكريم عن موقعة بدر من عدة جوانب، نذكر منها القليل هنا:

ثانياً: حكمة القتال عامةً وفي هذه الموقعة على وجه الخصوص:

        1- الدفاع عن الحق دون اعتداء:

            * قال تعالى: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير. الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلّا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله) الحج 39، 40. بادر كفار قريش بحرب المسلمين عندما حاربوهم بالمقاطعة الاقتصادية وألجأوهم للهجرة تاركين أموالهم بمكة، لهذه الأسباب جاء الإذن الرباني بالقتال.

            * وقال عز وجل: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا)  البقرة 190.

       2- احقاق الحق ودحر الباطل:

     قال الله سبحانه وتعالى: (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين * ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون)  الانفال 7، 8.          

       3- اختبار المؤمنين:

            قال تعالى: (وليبلىَ المؤمنين منه بلاءً حسناً) الانفال 17.

ثالثاً: مسببات النصر:

      1- تعبئة المجاهدين واستشارة القادة منهم:

        * جمع الرسول صلى الله عليه وسلم الأنصار والمهاجرين يستشيرهم في أمر الخروج إلى قريش ببدر. تحدث أبو بكر فأحسن، وتحدث عمر فأحسن. ثم تحدث المقداد بن عمرو فقال: أمض يا رسول الله لما أمرك به الله فنحن معك لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: “أذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون، بل نقول لك أذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون”. فسر النبي، لكنه قال أشيروا على إيها الناس. فقال سعد بن معاذ: كأنك تعنينا يا رسول الله وكان سيد الأنصار، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخشى أن لا ينصروه لأنهم عند البيعة قالوا له: نمنعك ما دمت فينا مما نمنع منه أنفسنا وأبناءنا وأموالنا ونساءنا، وأما خارج المدينة فقالوا له إنا برآ من ذمامك حتى تصل إلى دارنا. فقال سعد بن معاذ قولته الشهيرة: ” لو استعرض بنا البحر لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد”.

        * نزل النبي صلى الله عليه وسلم في أدنى بئر لبدر. فقال له الحباب بن المنذر: يا رسول الله أرأيت هذا المنزل منزل أنزلكه الله تعالى ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه أم هي الحرب والمكيدة ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “بل هي الحرب والمكيدة”. فأشار إليهم بأن يتحولوا إلى أدنى ماء من قريش ثم يغوروا ما عداه ليمنعوا قريشاً من الشراب لأن القلب (الأبار) كلها حينئذٍ تصير خلف المسلمين .

      2- اعداد العدة الحربية:

         قال تعالى: (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل)  الانفال 60.

    3- التوكل على الله:

     قال تعالى: (إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غرَّ هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم) الأنفال 49.

    4- الثبات عند اللقاء وذكر الله والاستغاثة به عز وجل:

     قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون) الانفال 45.

    5- العون والنصر من الله:

       قال الله عز وجل: (وما النصر إلّا من عند الله إن الله عزيز حكيم) الانفال 10. (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) الانفال 17. وتمثل هذا النصر من عند الله تعالى في الآتي:

           أ) ارسال النعاس.

          ب) انزال المطر: قال تعالى: (إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماءً ليطهركم به ويذهب عنكم رجس الشيطان  وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام) الأنفال 11.

         ج) التأييد بالملائكة: (إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان) الأنفال 12.

رابعاً: عوامل الهزيمة:  

 1- عدم طاعة الله ورسوله.

 2- التنازع فيما بين المجاهدين. قال تعالى: (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) الأنفال 46. 

  وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.  
بقلم عبد الرحمن (ود الكبيدة)
Scroll to Top