من شمائل النبي
صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ليس من بشر أكرمه الله تعالى كما أكرم نبيه ورسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. فقد أسبغ عليه من الشمائل والخُـلُق ما وصفه المولى عز وجل بقمة الوصف، قال تعالى واصفاً نبيه: (وإنك لعلى خلق عظيم) القلم، 4.
وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أعظم ما أوتي من المنح الربانية، وهو معجزة القرءان. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من الأنبياء نبي إلّا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة” صحيح البخاري، 66 كتاب فضائل القرءان، باب كيف نزل الوحي، حديث رقم 4981.
فالقرءان أكبر معجزة، تحدت كفار قريش، بكل فصاحتهم وامتلاكهم ناصية اللغة، فلم يقدروا على الإتيان بمثله.
فقد أوتي النبي صلى الله عليه وسلم علماً يندرج تحت صنفين من العلوم:
1- علم في القرءان أتاه به سيدنا جبريل عليه السلام، وأمره بتبليغه، وأمره بتوضيحه، قال تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل أليك من ربك) المائدة، 67. خاطبه المولى عز وجل هنا باعتباره “رسولاً”، وهذا في الشأن العام، أما في الشأن الخاص فقد خاطبه بـ “النبي”، قال تعالى: (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) التحريم، 1.
ومع القرءان فقد أوتي جوامع الكلم المتمثل في أقوله التي رويت في الحديث الشريف. وهذه الأحاديث هي تبيان للقرءان الكريم وتوضيح للدين والتشريع الإسلامي.
2- علم اختصه به. وهو علم النبوة الذي يدركه لوحده.
* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “….. وأتانى ربى عز وجل الليلة فى أحسن صورة، فقال: يا محمد. قلت: لبيك ربي وسعديك. قال: فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت: لا أدري إي رب (قال ذلك مرتين أو ثلاثاً)”. قال: “فوضع كفيه بين كتفي، فوجدت بردها بين ثديي، حتى تجلى لي ما في السماوات والأرض. ثم تلا هذه الآية (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين). الأنعام 75”. مسند الإمام أحمد، ص 1170، الحديث رقم 4 / 66 – 16738 (16621)، وسنن الدارمي، ج 1، ص 606، الحديث رقم 2149.
* وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً”. البخاري في تفسير سورة المائدة، باب لا تسألوا عن أشياء. ومسلم، في الفضائل، باب توقيره وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه، 4/1832 ، 2359.
ولهذا فقد جمعت للنبي صلى الله عليه وسلم من العلوم والمعارف اللدنية ما يعجز عن وصفه اللسان، فكان يخبر بعلم لم يتلقاه من التعلم البشري، مثل علم القرءاة والكتابة، ولكنه علم أوتيه من لدن الحكيم العليم عز وجل. ومن ذلك:
– قوله صلى الله عليه وسلم لكاتب: “ضع القلم على أذنك فإنه أذكر للممل”. الشفا في تعريف حقوق المصطفي صلى الله عليه وسلم، للقاضي عياض، ص329.
– قوله صلى الله عليه وسلم: “لا تمدوا بسم الله الرحمن الرحيم” الشفا في تعريف حقوق المصطفي صلى الله عليه وسلم، للقاضي عياض، ص329.
– صلى الله عليه وسلم لمعاوية: “ألق الدواة، وحرف القلم، وأقم الباء، وفرق السين، ولا تعور الميم، وحسن الله، ومد الرحمن، وجود الرحيم”. الشفا في تعريف حقوق المصطفي صلى الله عليه وسلم، للقاضي عياض، ص329.
ومثلما له صلى الله عليه وسلم علم ومقال لم يؤتاه غيره، فكذلك له فعل وحال هو من خصائصه النبوية، نذكر من تلك الأفعال والأحوال الآتي:
1- حديث: “لست أنسى، ولكن أُنَـسَّـى”. وفي رواية أخرى: “إني لأنسى أو أُنَـسَّـى لأسُـنّ”. موطأ الإمام مالك، باب السهو 2 باب العمل في السهو، 1/104.
2- وعن ابن عباس كان حول البيت ستون وثلاثمئة صنم ….. يشير (يقصد النبي صلى الله عليه وسلم) بقضيب في يده ولا يمسها، فما أشار إلى وجه صنم إلّا وقع ….. البخاري، في الغزوات، غزوة الفتح، ومسلم في الجهاد والسير 1781 باب إزالة الأصنام من حول الكعبة.
وهذا عمل بالهمة، لا بالوسيلة المادية كالعصا.