من أجل السودان المقال رقم (2)
بقلم: عبد الرحمن محمد عبد الماجد ود الكبيدة
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله ذي الخلق العظيم، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أهل الرضا والتفويض والتسليم.
في هذا المقال أود أن أتحدث عن مؤشرات عامة تؤسس لثوابت أساسية ومصالح سودانية عليا ينبغي الحفاظ عليها تحت ظل أية حكومة تحكم السودان. وفي هذا المقال سأتحدث عن عموميات من المؤشرات التي سيأتي تفصيلها فيما بعد، كل في مكانه.
في البدء ينبغي التأكيد على وضع مصلحة السودان العليا فوق المصالح الحزبية الضيقة والمصالح الشخصية الأنانية، بحيث تنعكس هذه المصلحة العامة في التعامل بالعدل والإحسان فيما بين أفراد الدولة ومجموعاتها، وتنعكس في التعامل الأخوي في العلاقات الخارجية الدبلوماسية للدولة مع نظرائها من كافة دول العالم، حيث تنتفي روح الاعتداء والاستعداء.
وبشئ من التفصيل يمكنني الإشارة إلى الآتي:
1- تكون القوات المسلحة السودانية حامية لسيادة السودان وتأمين سلامة أراضيه. وتكون شرطة السودان خادمة للوطن وحامية له من الفوضى والانفلات الأمني. وتتبع هاتان القوتان للسودان ككل بحيث لا يجوز لها أن تعمل لمصلحة حزب أو فئة بعينها دون الأحزاب والفئات الأخرى. وهذا يعني أنه لا يجوز قانونياً أن يشكل أي حزب أو جماعة جيشا أو كتيبة يستخدمها لحماية حزبه ونظامه إن آلت إلى هذا الحزب مقاليد الحكم عن طرق الديمقراطية.
2- يؤسس ويقنن لاقتصاد قوي يعتمد على التجارة والزراعة والصناعة واستغلال موارد السودان الطبيعية. وفي هذا المجال تشارك الحكومة (وهي القطاع العام) أرباب الأعمال (وهم القطاع الخاص) في التنمية الاقتصادية بحيث لا تُخَصْخَص كل الشركات، فتخرج الحكومة خروجاً كاملاً من سوق العمل والخدمات والاقتصاد، كما لا تَحْرِم الحكومة القطاع الخاص من الاستثمار وتضيق عليه باجراءات تقعده عن العمل التجاري. فإن لكل من الحكومة والقطاع الخاص فلسفته في مجال الاقتصاد، ولكل منهما ما يقدمه من فوائد وخدمات في مجال الانتاج والتوظيف والعمالة. وهذه السياسة الاقتصادية ينبغي أن يُرَاعى فيها مصلحة السودان، لا مصالح الأشخاص المحضة، ولا المصالح الحزبية الضيقة. بل تقوم على التنافس الحر، فليس من العدل أن يتغول نفر قليل بامتلاك الأصول الثابتة والسيولة البنكية معرضين بذلك بقية السودانيين للفقر وشح النقد.
3- وفي مجال التربية والتعليم ينبغي العمل على إرساء قواعد تعليمية وتربوية تخدم السودان. ومن ذلك نذكر المؤشرات التالية:
أ) مراجعة السلم التعليمي كماً وكيفاً، فقد ظللنا ننادي بأن وجود الأعمار الصغيرة بجانب أعمار المراهقين من التلاميذ في مكان واحد ينشب عنه مخاطر تربوية وأخلاقية يصعب تداركها. كما كنا دائما ننبه إلى أنه في نهاية مرحلة الأساس يبلغ الطفل السادسة عشر من عمره، وهو طور المراهقة التي لا يصح تربوياً أن يُعَامَل فيه التلميذ وكأنه طفل بحكم وجوده في مرحلة الأساس، فإن ذلك يهدم – نفسياً – شخصية التلميذ.
ب) مراجعة المنهج المدرسي بحيث يعكس كل مكونات المجتمع السوداني الذي قوامه الدين الإسلامي، وفي ذات الوقت لا يَضْطَهِد معتقدات وأفكار الأقليات الأخرى. فالسودان لكل السودانيين.
جـ) الاهتمام بتدريب المعلم وتأهيله وخلق البيئة المدرسية التي تساعد المعلم على العمل، وتحفز الطالب على التحصيل.
د) رد الاعتبار للتعليم الفني والمهني بأنواعه من تجاري وصناعي وزراعي ومهني والعمل على تطويره وجعله جاذباً للطلاب والمعلمين معاً.
هـ) إنّ تطور الدول منوط بالعلم والبحث العلمي. فبالاهتمام بالبحث العلمي ترتقي الأمم. إن زيادة الميزانية المالية للبحث العلمي، وإطلاق يد الباحث العلمي وفكره، ورعاية الابداع العلمي- كل ذلك- ينطلق بالبحث العلمي إلى ميادين رحبة من التطور والازدهار.
إن كل ما تقدم من مؤشرات يسندها أربع وسائل، وهي:
1- اقتصاد قوي يُوَجَّه لتحقيق ما ذكر من تقوية الجيش والتعليم والخدمات الأخرى.
2- اختيار الرجل المناسب للمكان المناسب، فما معنى أن يتم تعيين مهندسٍ مدنيٍ وزيراً للتربية والتعليم. ففي هذا الإطار يجب أن يشغل المكانَ صاحبُه المختص به، ومن له فيه خبرة أكيدة.
3- يجب عند وضع السياسات والبرامج استصحاب آراء أهل الاختصاص، كل بحسب مجاله الأمني أو الاقتصادي أو التعليمي-التربوي أو السياسي أو القانوني كي تقوم هذه السياسات والبرامج على أسس علمية.
4- وفوق هذا وذاك توَفُّرُ النية الصادقة والضمير الحي، وتقوى الله التي تجعل العمل خالصاً لوجه الله تعالى، وخدمةً خالصةً من أجل السودان.
وعلى الله قصدُ السبيل.