بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ليلتنا مع الشيخ محمود الضعيف
كانت ليلةً بألف ليلة وليلة. ليلةً جرت فيها محبة الشيخ والمريد مجرى الدم في الوريد. وعرجت فيها الأرواح إلى مصاف الشراب والاقداح، والتقت نشوى بحب الاخاء الصادق، والوداد الفائق، والمنهل الرائق. ليلةً كم سعدت فيها أرواحنا في زمان عز فيه الاسعاد وتكدرت بأسباب الحياة مجارى الوداد. لقد كانت ليلةً ذاقنا فيها من ألوان الزاد الروحي ما استشاطت به دواب أرواحنا نشاطاً لما تغذت من (محمود) الخير،
فأخذت تغز السير نحو أهل الصفا والوداد.
لقد استقبلنا الشيخ محمود – ولم نكن على موعد معه – استقبلنا بحفاوة من كان يعد العدة للقائنا قبل الشهور والدهور، ترتسم على محياه فرحة التلهف لطلتنا عليه. وما أن نزلنا في داره فإذا بنا نألفها وتألفنا بإلفة الأرواح المجندة للتآلف. وما ذلك إلا لأنه آوانا في قلبه قبل داره، وبوأنا من جنة شعره من أصناف الذكر والقصيد والمديح حيث نشاء. فطفق نور الذكر يسعى بين أيدينا، يبشرنا بمنابر النور التي صفت للمتاحبين في الله تعالى. لقد شنف آذاننا بقصائده التي ذرفت منها القلوب ووجلت العيون واقشعرت الأرواح، واتكأت صويحبات اللغة على أرائك الألسن، وقد شقفهن حب قصيده، وأكبرت عقولهن شعره، وتقطعت بهن سبل الافصاح، فقطعن أنفاسهن، يعلن على الملأ: “حاشا لله ما هذا بقول بشر عادي، إن هو إلا قول شاعر كريم، ومحب ذي حظ عظيم، يجري سلسال شعره من فيض:
(يحبهم ويحبونه)”وأيم الله لقد امتارت أرواحنا من فيضكم وازدادت مكاييل بعير.
ثم انقضت الليلة، ولم ولن ينقضي- إن شاء الله – العهدُ بيننا. افترقنا وتركنا متاعنا القلبي عنده، ومضينا نستبق إلى باب الذكريات.
حشاشةُ نفسٍ ودعَّتْ يومَ ودعوا فلم أدرِ أيُّ الظاعنين أشيِّعُ
لولا أن هاتفاً يأتينا من تلقاء داره، مؤذناً: “إن الذي فرض عليك القرءان لرادك إلى معاد”.
جزى الله خير الجزاء شيخنا شيخ العاشقين في زمانه الشيخ/ محمود الضعيف، الضعيف باستكانته لربه، محمود القوي، القوي بمحبته نبيه صلى الله عليه وسلم.
دمتم ذخراً للقوم والطريق يا سيدي.