بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لم ينتشر الإسلام بالسيف والقتال 1
مـقــدمــة
ثمة فرية يرددها أعداء الإسلام، وهي ظنهم أن الإسلام انتشر بحد السيف وقهر السلطان. وهنالك قوله تعالى: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم) البقرة 256. وهذه السورة مدنية نزلت بعد 86 سورة أغلبها سور مكية. ولم يبدأ القتال إلّا في المدينة المنورة بعد الهجرة، أي بعد عشر سنوات من الدعوة لله تعالى.
في هذه المقالة وما يليها من مقالات سوف نستعرض سرايا وغزوات النبي صلى الله عليه وسلم بهدف اثبات أن هذه السرايا والغزوات لم تكن اعتداءً من المسلمين على الكفار، وعليه لم ينتشر الإسلام بالسيف والقتال، بل كان القتال لرد عدوان المشركين، ولاسترداد حقوق المسلمين التي انتهبها أو حجزها الكفار من المسلمين عند هجرة المسلمين إلى الحبشة والمدينة.
لقد أذن للنبي صلى الله عليه وسلم بالقتال في 12 صفر سنة 2 هجرية. وأول آية نزلت في القتال: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير* الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلّا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز) الحج 39، 40. من هذه الآيات الكريمة نستنتج الآتي:
مسوغات قتال الكفار والمشركين:
1- جاء القتال بإذن وتفويض من الله تعالى، وليس مبادرة من المسلمين.
2- كان القتال رداً على مظالم لحقت المسلمين، وهي:
أ- إخراج الكفار لهم من ديارهم وأموالهم بسبب إسلامهم. (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله) الحشر 8.
ب- تعذيب الكفار لهم والتحرش بهم. (عذبوا بلالاً وقتلوا سمية وياسر).
جـ- دفاع المسلمين عن مقدساتهم المتمثلة في المساجد ودور العبادة، وتأكيد حق المسلمين في التعبد فيها؛ فقد كان مشركو قريش يؤذون المسلمين والنبي صلى الله عليه وسلم ويمنعونهم من الصلاة في المسجد الحرام، مما جعل الدعوة إلى الإسلام تبدأ في سرية تامة في دار الأرقم بن أبي الأرقم.
ضوابط القتال:
3- كان لهذا الإذن بالقتال ضوابطٌ، منها:
أ) ضوابط عسكرية وحربية: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) الممتحنة 8. (النهي عن قتال غير المعتدين)
ب) وضوابط اجتماعية: (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون) الممتحنة 9. (عدم موالاة المشركين المعتدين).
كان لقتال الكفار والمشركين هيئتان يتم فيهما: ما يسمى بالسرايا أو البعثات، وما يسمى بالغزوات.
فالسرية أو البعثة هي التي لم يذهب إليها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه، بل أرسل أو بعث فيها بعض أصحابه للعدو. أما الغزوة فهي كل عسكر حضره النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة.
وقد بدأ قتال الكفار والمشركين بالسرايا والبعثات ثم الغزوات. وسوف نتناولها كلها بالترتيب الزمني في المقالات القادمة.