بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لماذا أكتب
بقلم عبد الرحمن ود الكبيدة.
أدركتني حرفة التربية والتعليم. فصرت أكتب على تخت الفصل الدراسي، ثم مواكبة للتطور الرقمي أصبحت كتابتي على تخت منصوب علي حاملين هما عقلي وروحي.
لذلك فأنا أكتب من واقعين هما: واقع العقل وواقع القلب. أعني واقع المقام وواقع الحال. ففي مقام التربية والإرشاد تهمهم داخل عقلي مقولات ارسم بها واقعا تربوياً واجتماعيا ينزع عقلي لاقامته. فيجري القلم من يدي على الورقة فأظل أطارده داخل دهاليز مدينتي الفاضلة التي تختلط عليَّ متاهاتها بين خطوط القبول والرفض والاستحسان والاستهجان والاستهتار والاكبار من داخل وخارج فصل تتباين رؤى المتلقين لخطابي فيه.
وهذه كتابتي من واقع الحال الذي استقرت حالتي فيه على أن أقول وأقول وأكتب وأكتب للإرشاد وأداء رسالة التعاون المجتمعي على البر والتقوى وقول الحق. فقد أفرز هذا المقام المقال السياسي والاجتماعي والديني. أكتب هذا على تخت عقلي، حيث يشاركني سواي في الرأي دحضاً واتفاقاً، فالعقل ذو نزعة علمية و”العلم نحن” كما قيل قديماً. ونحن كثر. فلم لا أكتب و(كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء). إبراهيم: 24. والكتابة هنا كلمة تصل الدنيا بالآخرة. وإن كنت معلماً، فإن العلم يزدهر بحجة العقل.
أما من واقع الحال فاتنسم في الكتابة عبق الحرية وأتحول فيها من حال عاطفي إلى حال عاطفي آخر، ويتقلب قلبي بين هيام ووجد، وتوق وشوق، وحزن لفقد، فتولد لديَّ القصيدة العاطفية – الحب بشتى صنوفه: حب الذات الإلهية، حب الجناب المحمدي صلى الله عليه وسلم، حب الوطن، حب المرأة، وحب الأخ، وغناء للأطفال. وهنا أكتب لأهوِّمَ في سماوات العشق وأستروحَ من عناء “يجب ولا يجب”. وأكتب في هذا الحال على تخت قلبي فناً أتحرر به من قيد ما هكذا يا سعد تورد الكلمات مشرع الأنس. فأنا آنس نفس أولاً وأخيراً في هذه الكتابة الأدبية والفنية. وقديماً قيل: “الفن أنا”. وأنا مفرد. فلم لا أكتب وقد جبلت القلوب على الترويح ساعة فساعة ؟ وإن كنت مربياً فما أعذب التربية بالود والحب والترويح !
والكتابة عندي قد تكون أصيلة، وقد تكون ترجمة لنص أصلي. وفي الترجمة أكتب من واقع الالتزام الاجتماعي فأترجم المقال السياسي أو الديني. كما أكتب من واقع الرفاهية فأترجم ما يحلو لي من الشعر. وفي كليهما أحبذ الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية.
وسواء كتبت من واقع المقام أو من واقع الحال فالقلب والروح والعقل مني متوجهون جميعاً نحو مرقى الكلمة: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصلح يرفعه). فاطر: 10.
فأنا أكتب لأنني كائن كاتب، وكل ميسر لما خلق له.