بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله صحبه وسلم
الله . . ليس كذلك 1- 3
كتبه / عبد الرحمن (ود الكبيدة)
هذا عنوان لكتاب ألفته الكاتبة المفكرة الألمانية (زيغريد هونكه)، وترجمه إلى العربية الدكتور غريب محمد غريب. ونشرته دار الشروق – القاهرة، 1416هـ / 1996م.
والكاتبة زيغريد سبق لها كتابها: “شمس العرب تسطع على الغرب” ذلك الكتاب الذي سلط الضوء على الأثر العلمي العميق الذي تركه العرب على فكر وثقافة الغرب، عندما أخذ الغرب هذا الفكر من عرب الأندلس والمشرق العربي، فكان ذلك الفكر العربي مصابيح أضاءت طريق الغرب المعرفي.
وهذا الكتاب من عنوانه يشير إلى
أفهام خاطئة لدى الغربيين عن الذات الإلهية وعن الدين الإسلامي وعن المسلمين.
تفتتح الكاتبة حديثها بمقولة الفرنسي رومان رولاند: “لا ريب في أن الآراء المطلقة المتوارثة، تجعل تفهم الشعوب بعضها بعضاً أمراً عسيراً، كما تجعل احتقار بعضها البعض الآخر أمراً هيناً يسيراً” . وبهذا تود الكاتبة أن تشير إلى إساءة الغرب فهم المسلمين والإسلام والعرب والعروبة، وذلك بسبب الأحكام الجائرة المتعسفة الموروثة عن القرون الوسطى. ومن هنا نشأت موجات العداء الجديدة المغرضة في الغرب والتي تستهدف الإسلام وتكيد له.
* وأول هذه المفاهيم الغربية الخاطئة عن الإسلام إطلاق لفظ “المحمديين” (1) على المسلمين، وهو تعبير نقله قبل سبعمئة عام الإنجليزي وليام من مدينة سالسبري عن الرأي العام الشائع في عصره عن سكان إسبانيا إبان حكم المسلمين لها.
* لقد بدأ تحول حاسم في مجرى التاريخ بدعوة البابا أوربان الثاني في السابع والعشرين من نوفمبر عام 1095م في كليرمونت بفرنسا كافة فرسان الغرب إلى حمل الصليب والزحف لتحرير قبر “عيسى المقدس” (2) زاعماً أنه قد هدمه وخربه “أجلاف العرب عبدة الشيطان” على زعم هذا البابا. فتحركت تلك الدعاية المسمومة تواكب هذه الحملة الصليبية البربرية. وللحق أيضاً أن المسلمين العرب ومن غير العرب كالأتراك وغيرهم قد التزموا منذ عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بضمان سلامة النصارى الذين يسعون إلى حج الأرض المقدسة، لا يصدونهم عنها أبداً.
* وثم تصور خاطئ يحكم نظرة الغرب إلى الإنسان المسلم، وذلك أن الغرب يفهم من الإسلام “الإمتثال لأمر الله والاستسلام إلى مشيئته”، وإلى هنا لا غضاضة في هذا الفهم. بيد أن الغرب ينطلق من هذا الفهم ليلبسه ثوب الجبرية، ويفهم منه أن الإنسان مجبر مسير، وأنه يعبد الله نتيجة خطيئة آدم. وهذه بعينها النظرة النصرانية إلى الإنسان النصراني، راح يخلعها على الصورة الإسلامية للإنسان. فالإسلام لا يقول أساساً بوارث “الخطيئة” ولا بأول إنسان كان أثيماً، بمعنى أن الخطيئة والإثم ليس أصل الفطرة التي فطر الإنسان عليها، بل الإثم يغتفر إذا تاب الإنسان توبة نصوحاً، فالإسلام لايرى – كما يرى النصارى – أن آدم أخطأ ولم ينل أحد غفران الله إلّا بواسطة عيسى المُخَلِّص يسوع، بل الإسلام ينص على أن الله غفر لآدم، قال تعالى: (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم) البقرة، 37. وترجع فكرة “عيسى يسوع المُخَلِّص” إلى تفاسير بولس لرسالة عيسى لخلاص الإنسان من خلال موت يسوع المسيح. (3)
هوامش:
(1) إن كلمة “المحمديين” قصد بها الغرب مفهوم أن الإسلام ليس ديناً سماوياً من عند الله تعالى، ولكنه من اختراع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
(2) لا يعتقد المسلمون موت سيدنا عيسى عليه السلام، بل هو عندهم رفعه الله إلى السماء، وسوف ينزل في آخر الزمان ويحكم بالإسلام. فلا يوجد له قبر حتى يسطو عليه المسلمون بالخراب على زعم الغربيين.
(3) هذه الأفكار ليست من وحي الله تعالى في الإنجيل الذي أنزله على سيدناعيسى عليه السلام، ولكنها من أوهام وتفاسير الذين دونوا الإنجيل فيما بعد.