بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الترجمة عند العرب والمسلمين 2

بقلم عبد الرحمن ود الكبيدة:

الترجمة في العصر الحديث

في العصر الحديث في مصر بدأت الترجمة مع دخول الفرنسيين إليها عام 1798م (خرج الغزو الفرنسي منها بعد 3 سنوات فقط). وأهم ما قام به الفرنسيون اكتشاف حجر رشيد (Rosetta Stone). 

في عهد محمد علي ارتبطت الترجمة بالتعليم. ثم بعد رجوع الموفدين المصريين (رفاعة رافع الطهطاوي ورفاقه) من فرنسا في ثلاثينيات القرن القرن التاسع عشر (1830م) أقيمت مدرسة الألسن التي ترجمت كتب الطب والهندسة والرياضيات والقانون والزراعة واستعين في ذلك بالأزهريين.

تواصلت عملية إحياء الترجمة في العالم العربي مع نشأة الدولة الحديثة في مصر على يد محمد علي باشا (1805-1848م)، وجاء ذلك في إطار سياسته الهادفة إلى النهوض بالتعليم، والتي شملت إرسال البعثات العلمية إلى دول أوروبا كإيطاليا وفرنسا، وإنشاء المدارس العليا. وجاء الاهتمام بالترجمة كوسيلة لنقل المعارف الأوروبية الحديثة إلى مصر. وفي عام 1835، أمر محمد علي بإنشاء مدرسة الترجمة، والتي عرفت فيما بعد بمدرسة الألسن كمدرسة عليا متخصصة في تدريس اللغات الأوروبية، وقام بإدارة المدرسة رفاعة الطهطاوي الذي اختار لها 80 طالبًا.

ومن أهم تجارب الترجمة المنظمة في العالم العربي حديثًا:

1- لجنة التأليف والترجمة والنشر

تعد لجنة التأليف والترجمة والنشر التي نشأت بمصر في بداية القرن العشرين مثالاً جيدًا للعمل الجاد والمثمر بين المثقفين، وتكونت اللجنة من خريجي مدرسة المعلمين العليا ومدرسة الحقوق عام 1914م، وقد زاد أعضاء هذه اللجنة لتضم غيرهم من فئات أخرى، ووضعت لائحتها القانونية 1915م ورَأَسها أحمد أمين منذ ذلك التاريخ حتى وفاته عام 1954.

2- مشروع الألف كتاب الأول والثاني

ظهرت الإصدارات الأولى لهذا المشروع عام 1955م، بإشراف من الإدارة الثقافية التابعة لوزارة التعليم المصرية. وقد اهتم بأمهات الكتب العالمية والكلاسيكيات، كما شمل العلوم البحتة، والعلوم التطبيقية والمعارف العامة، وتوقف العمل به عام 1969. وتم استئنافه تحت عنوان “مشروع الألف كتاب الثاني” عام 1986 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.

3- المجلس الأعلى للثقافة  –  المركز القومي للترجمة:

أطلق المجلس الأعلى للثقافة في مصر المشروع القومي للترجمة إحياءً لحركة الترجمة المنظمة واستكمالاً للمشروعات السابقة لها، كمشروع الألف كتاب الذي توقف بعد إصدار 600 كتاب. وفي بداية 2006م، احتفل المشروع بإصداره الكتاب الألف، ثم تم تحويل المشروع إلى المركز القومي للترجمة من خلال مبادرة تقدم بها الدكتور جابر عصفور رئيس المجلس الأعلى للثقافة.

4- المنظمة العربية للترجمة 

أُسَّسَت المنظمة العربية للترجمة عام 1999م في بيروت، بهدف نقل المعارف ونشر الفكر العالمي وتطوير اللغة العربية.

5- مشروع “الشرق بنجوين”: 

وهذا مشروع مختص بترجمة طلاسيكيات الأدبين العربي والإنجليزي.
هو من أحدث مشاريع الترجمة في العالم العربي، وهو يقوم على شراكة بين دار “بنجوين” العالمية ودار الشروق المصرية، حيث تم الاتفاق في نوفمبر 2010 على ترجمة كلاسيكيات “بنجوين” التي اشتهرت بها الدار وإعادة إصدارها باللغة العربية للقارئ العربي، في الوقت الذي يتم ترجمة العديد من عيون الأدب العربي القديم والحديث إلى اللغة الإنجليزية وتقديمها إلى القارئ الغربي.

استفادة الغرب من ترجمات العرب والمسلمين:

2- نقل العرب ثقافتهم من تونس عبر جزيرة صقلية إلى إيطاليا حيث قامت أول مدرسة طبية في الغرب في مدينة نابلي عام 1224م ومن هنا قالوا بدأت النهضة الأوروبية في إيطاليا.

3- أسس الأمبراطور فردريك الثاني مركزاً للترجمة في نابولي ترجمت فيه مؤلفات إسلامية وعربية إلى اللاتينية (اللغة الإيطالية) ومن هناك انتشرت في بلاد الغرب.

4- هذا النقل الثقافي من العالم الإسلامي والعربي حرر إنسان العصور الوسطى الأوربي من قيود الكنيسة ومهد الطريق لحركة الإصلاح الديني والسياسي والعلمي في أوربا. ويقول بعض المحللين والسياسيين والمفكرين أن أوربا مدينة إلى مدرسة الإعتزال الإسلامي التي جعلت العقل قائد الفكر الديني فطبقوا العقل على الدين المسيحي ورفضوا غلواء الكنيسة المتمثل في صكوك الغفران والكهنوتية، فجعل المعتزلة الأوربيين يفكرون في الدين بصورة عقلية.

5- في أثناء الحروب الصليبية ترجم الكثير من المؤلفات العربية والإسلامية وأخذ الغربيون الكثير من الثقافة والعادات العملية العربية كالحمام والمطبخ العربي.

6- ففي القرن التاسع الميلادي، قام العرب بترجمة معظم مؤلفات أرسطو، وهناك مؤلفات كثيرة ترجمت عن اليونانية إلى العربية، وضاع أصلها اليوناني فيما بعد، فأعيدت إلى اللغة اليونانية عن طريق اللغة العربية أي أنها فيما لو لم تترجم إلى اللغة العربية لضاعت نهائيا.‏

7- ولقد حدث أن أعيدت ترجمة كتاب “كليلة ودمنة” إلى اللغة الفارسية عن النص العربي، لضياع الترجمة الفارسية وهو الأمر نفسه الذي حدث لبعض النصوص الإغريقية وكانت لغة عبد الله ابن المقفع جميلة بعيدة عن الابتذال وتمت الترجمة، كما هو معروف عن لغة وسيطة، لأن الكتاب بالأصل كتب باللغة الهندية القديمة، وليس باللغة الفارسية.‏

8- وبالوقت ذاته بدأت الترجمة في العصر العباسي من اللغة العربية إلى اللغات الأجنبية، ولقد أشار المستشرقون إلى دور العرب في الحضارة الأوروبية، في هذه الفترة. كما أشار بعض الأدباء الغربيين إلى فضل علوم العرب على الغرب نذكر من هؤلاء الأديب الألماني غوته (1749-1832).‏

Scroll to Top