العلم فى حياة المسلم 1-3

كتب بواسطة: Super User. Posted in ثقافة

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

العلم فى حياة المسلم  (1 - 3)

      إن العلم هو الهدف الرئيس الذي من أجله قامت الحياة وخلقَ اللهُ تعالى الإنسانَ وأنزله على الأرض. قال تعالى: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) البقرة 30. فقد تحدد وجود الإنسان في الدنيا ووظيفته: خليفة في الأرض. والخليفة هو القائم بأمر 

موكله. وأمر الخلافة يحتاج إلى علم تُصرَّف به شؤون الخلافة، ويضع هذا العلم ويصدره صاحب الأمر، وهو الله عز وجل. وأول العلوم التي يجب معرفتها هي معرفة الخالق عز وجل، قال تعالى: (وما خلقت الجن الإنس إلاّ لعيبدون) الذاريات 56. قيل في معنى "ليعبدون" أي "ليعرفوني".

      والمعرفة لا تتم إلّا بالتعريف والتعليم. ولم يكن وجود الإنسان أسبق من وجود بعض المخلوقات الأخرى، فقد سبقه في هذه الدنيا خلق الأرض والسماوات، خلق الملائكة، وخلق الجن، ومخلوقات أخرى. فمعرفة كل هذه الإشياء هي نوع من العلم. ولذلك لما خلق الله تعالى أبانا آدم عليه السلام علمه أسماء الأشياء، قال تعالى: (وعلم آدم الأسماء كلها) البقرة 31. فلم يكن لآدم معرفة من قبل لولا تعليم الله تعالى إياه، وفي الحديث الشريف: "إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتق الشر يوقه". المعجم الأوسط، للطبراني، ج 3، ص 187، الحديث رقم 2684.

      وإنّ أجلَّ العلوم وأعظمها هو العلم الذي به معرفة الله تعالى، معرفة أسمائه وصفاته، ومعرفة دينه وما شرعه للبشر لتنظيم معادهم ومعاشهم من عبادات ومعاملات. وبهذا العلم تصح العبادة وتحصل التقوى، وتتم للمرء سعادة الدارين - الدنيا والأخرى؛ قال تعالى: (إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ) فاطر 28.

      غير أن هنالك علم أخر به قوام الحياة الإنسانية على الأرض، ونعني به العلم الذي يتم به معاش الإنسان، مثل علم الطب والدواء، علم الصناعات والحرف، علم الزراعة، علم الحساب، وغيرها من العلوم التي يحتاج إليها البشر في إدارة شؤون المعاش.

      إن من فوَّت العلوم الدينية فاتته طاعة الله عز وجل، وضل طريق الهدى الذي فيه مأوى الجنة ورضا الله تعالى، لأنه يكون قد فات عليه العلم الذي طلبه فريضة على كل مسلم ومسلمة، فهو علم فرض عين، لا يعذر الجهل به، وأقل ما يجب طلبه من هذا العلم هو ما تؤدى به الفرائض وتصح به العبادة على أكمل وجه.

      أما من فوَّت علم المعاش فقد فاته الاستخدام الأمثل لموارد الكون من وسائل العيش التي قال فيها تعالى: (هو الذى خلق لكم ما فى الأرض جميعاً) البقرة 29. وقال عز وجل: (وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار * وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار) إبراهيم 32، 33. وطلب العلوم الدنيوية فضيلة، وكل فرع منها هو فرض كفاية إذا قام به القادرون عليه سقط عن الآخرين الذين لا يطيقونه، لأنه لا يتسنى لكل مسلم أن يكون طبيباً أو مدرساً أو غيرها من الوظائف. بل تتنوع الوظائف في المجتمع الواحد، فيقوم كل فرد بما يقدر عليه ويتقنه من الوظائف والحرف، فيكون كل المجتمع قد أنجز كل الوظائف والمهن.

      ومن هنا يتضح لنا أن بهذين العلمين: علم الدين وعلم الدنيا، ينال الإنسان السعادة والهناء في هذه الدار وتلك الدار، أي في الدنيا والأخرى.

 

                                                        وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

                                                                                                      كتبه / عبد الرحمن ود الكبيدة                                                                         

                                                                                                                            يتبع فى الشهر القادم