خواطر حول لغة الموسيقى

كتب بواسطة: Super User. Posted in فنون

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

خواطر حول لغة الموسيقى

      إن اللغة – أية لغة – هي عبارة عن أصوات  لمعانٍ قبل أن تكون معانٍ يرمز لها بحروف مكتوبة. واللغة الأم هي اللغة التي ينشأ عليها الناطق بها، باعتبارها لغة تلقاها من الأم التي هي أول من يخاطب طفلها وهو في مهده. واللغة أصوات يحدثها تحرك 

الجهاز الصوتي في الإنسان مستخدماً ذبذبات الهواء، ومحدثاً تنوعاً في الأصوات من صائت وصامت ومهموس ومجهور وغيرها من أصوات اللغات. واللغة البشرية يتلقاها جهاز العقل الذي يترجمها إلى معانٍ يتجاوب مع قائلها بحسب المعنى المطلوب في التواصل بين متحدث وسامع أو بين كاتب وقارئ، وهنا تساعد الثقافة على فهمها أو تحول دون فهمها.

      إن لغة الأم تختلف من شعب إلى شعب أو من أمة إلى أمة، ومن قبيلة إلى قبيلة داخل نفس الشعب أو الأمة، وذلك نتيجة لاختلاف الثقافات وعادات الخطاب.

      وبناء على ما سبق من تعريف اللغة، تكون الموسيقى أصوات لمعانٍ باستخدام الجهاز الموسيقي الذي يحرك ذبذبات أو اهتزازات الهواء. وهذا الصوت الموسيقي يعتبر من الأصوات الطبيعية التي تحدث نتيجة لارتطام جسمين (هنا الوتر وريشة العازف) محدثاً التنوع في الأصوات والأنغام، أو الميلوديا والتي تعادل التنوع في الصوت اللغوي. والموسيقى يتلقاها المتلقي، ولكنه يسمعها بوجدانه الذي يشمل العقل والقلب والاحساس العاطفي (أى يتلقاها بكل تركيبه البشري الذي يستوي فيه مع كل الشعوب، وهنا تتوحد الثقافة التي تساعد على فهم النغمات والطرب لها). وهذا سبب مهم في تجاوب الناس مع مختلف أنواع النغمات الموسيقية.   

     إن لغة الموسيقى لا تختلف في التركيب الصوتي والنغمات من شعب لشعب لأن لغة الموسيقى تصدر من أصوات الطبيعة التي هي أم الكل، فلهذا نجد أن الموسيقى هي اللغة الأم لكل البشر، وهذا ما يجعل المرء يطرب لسماع موسيقى لا تنتمي للتقاليد الموسيقية لشعبه أو لقبيلته. وهذا سبب ثانٍ لتجاوب الناس مع الموسيقى عالمياً.

     ثم إن الموسيقى وهي تأخذ أصواتها ونغماتها من الطبيعة تكون أكثر أصالةً من لغة اللسان البشري، وذلك لأن لغة البشر تحاكي أحياناً أصوات الطبيعة، وهو ما يسميه أهل اللغة تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني كأن تقول "همهم فلان" فتسمعه يحدث صوتاً مثل: (همهمهمهم همهمهمهم)، وقولهم: (شقشق العصفور) لأنه يحدث صوتاً يحاكى "شقشقشق شقشقشق". والأذن البشرية – على اختلاف الأجناس – تتلقى أصوات الطبيعة بنغمة واحدة، فتستوعبها بفهم واحد. وهذا سبب ثالث لطرب الناس عند سماعهم الموسيقى – مطلق موسيقى، أيَّاً كان مصدر ثقافتها.

      في اللغة يحدث الصوت - كما قلنا - من ارتطام الهواء بجهاز النطق عند الإنسان. بيد أنه في الموسيقى يحدث الصوت من:

   أ- ارتطام جسمين.              ب- تفريق جسمين بعضهما عن الآخر ـ كتمزيق قطعة قماش أو ورق.

  جـ - تفاعلات كيماوية كتفجير القنابل. 

  وغيرها من الأصوات، وهذا ما يجعل الموسيقى أكثر ثراء في نغماتها من لغة الإنسان العادية.

      في الطبيعة أصوات غير موسيقية كالضوضاء والقنابل والرعد والصراخ والصياح وغيرها من أصوات نشاز ومنكرة.

      ولكن مهمة مؤلف المقطوعة الموسيقية أن يؤلف الأصوات المستحسنة والمستساغة للأذن والسمع، وذلك عن طريق تحويل هذا التنوع في أصوات الطبيعة إلى توليفة تطرب الأذن والوجدان. وهذا التوليف الموسيقي هوالذي يفعله مؤلف القطعة الأدبية، ولاسيما الشعرية التي تتألف من أوزان موسيقية نجدها في القافية وفي مختلف بحور الشعر العروضية.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

بقلم / عبد الرحمن (ود الكبيدة)